انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2024/01/24
القضية الفلسطينية: من المنظوريْن: الديني والعقلي (15)
الفصل الرابع عشر: صراع الحضارات وصراع السياسات
ما كان ينبغي للحضارات أن تصطرع، لو أنها عرفت أنها على قيمة واحدة في نفسها، عند النظر إليها من جهة كونها مرادة لله. وعلى كل حال، فنحن لا نحبّذ مصطلح "هنتغتون" الذي اختاره، والذي هو "الصدام"؛ لأن الصدام ليس حتميا بين الحضارات، ولا الصراع أيضا حتمي، إلا من جهة احتكاك الثقافات. والثقافات عند احتكاكها، لا بد أن يأخذ بعضها عن بعض؛ ولولا تلك القيمة الموحّدة، ما كانت إحداها تؤثّر في الأخرى؛ وهو معنى المثاقفة حقيقة. أما الصراع فقد استند في البداية على الحق، الذي هو الشريعة. ونعني من هذا، أن أهل الشريعة في زمانها، يكونون أحق من سواهم بالسيادة الحضارية، إن هم وَعَوْها؛ لا لأنهم يرون أنفسهم أفضل من غيرهم، ولكن لأن الشريعة الربانية تعلو كل ما عداها من تنظيرات بشرية تلقائيا. والقاعدة العامة هي: أن كل ما هو رباني، هو أرفع من كل ما هو وضعي، في كل مجال بحسبه. فإذا تخلى أهل الشريعة عن شريعتهم، عادوا كسائر الناس، بل أقل قدرا. وهو ما جعل الأمة الإسلامية في عمومها، تتقهقر منذ قرون، لتصير الآن في ذيل الترتيب. وإن اعتبرنا أن أوروبا وأمريكا اليوم، ذواتا مرجعية يهودية نصرانية، واعتبرنا روسيا ذات مرجعية نصرانية أرثوذكسية، والصين ذات حضارة مادية على خلفية فلسفية كونفوشيوسية، وأفريقيا ذات حضارة إسلامية نصرانية وثنية، وغرب آسيا (الشرق الأوسط) ذا حضارة إسلامية كتابية؛ واعتبرنا هذه المراكز الحضارية داخلة بالرغم منها، في حوار حضاري، يجعل هذا يقتبس من ذلك، أو هذا يُنافر ذلك؛ فإنه سيلوح لنا أن الحروب في أولى مراحلها، لا بد أن تكون تمايزا حضاريا، لا يتمكن أصحابه من الحوار السلمي، فيلجأون إلى الصراع المسلح، عسى أن يغلب أحدهم صاحبه، لينصر حضارته بالقوة. وأما البحث عن الانتصار بقوة الحق، وبالكلام، فإنه لا يتحقق إلا في مستوى عقلي مخصوص، يلتزم أهله بالنظر العقلي لا بالمغالبة المسلحة؛ وهذا يُظهِر أنه لا يلجأ إلى السلاح، إلا من كان عاجزا عن الحوار العقلاني. وهنا قد يأتي السؤال: فهل كان المسلمون عاجزين، عندما خاضوا الحروب ضد الأمم الأخرى؟... فنقول: إن الإسلام لم يبدأ الناس بالحرب، والدليل تاريخي وتشريعي. فمن الناحية التاريخية، قد مرت المرحلة المكية كلها وقليل من المرحلة المدنية من دون حرب؛ أي من دون إذن فيها، وهو ما يعني أنها ليست الأصل عندنا؛ ولكن المسلمين اضطُرّوا إلى الدفاع عن أنفسهم، عندما رأوا أن بعض الأمم، تريد أن تقطع دابر الإسلام بالقوة؛ مع أنها كانت على شرك وعلى كفر. والحفاظ على الإسلام هنا، ليس مناصرة لدين القوم، بحيث تكون العصبية هي الحاكمة؛ ولكنه إبقاء لسبيل الله مفتوحة أمام كل من يريد انتهاجها؛ وإبقاء على النور ساطعا تهتدي به البصائر الحائرة المحتاجة. ومن هنا جاء مصطلح "الفتح" في تاريخنا الحربي، ليدل على أن المراد هو تمكين من يسكن في بلاد كافرة، من الإسلام إن رغب فيه؛ من دون إكراه لغيره له على إسلام أو على كفر. يقول الله تعالى: {لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ قَد تَّبَیَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَیِّۚ فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ} [البقرة: 256]. ولقد صارت هذه المعاني على وضوحها، في زمن تخلف المسلمين، مجهولة؛ وصار بعض من فقد النور من أبناء المسلمين، يزعم أننا كنا نستعمر البلدان الأخرى، كما استعمرتنا هي لاحقا؛ وهذا جهل كبير. والفرق كما أخبرنا، هو جعل الدين ميسرا لكل من رغب فيه، وعدم ترك المستضعفين تحت رحمة المستبدين الذين يمنعونهم منه؛ فيكون أثر الاستبداد ممتدا إلى آخرة الناس. فالأمر أخروي، لا دنيوي!... ولو كان الأمر دنيويا، كما يُظنّ، من دون مس بالآخرة، لهان الأمر، ولكانت المسالمة محبّذة على كل حال. وهذه المسألة، هي محل الخلاف بين من يدعون إلى السلم في جميع الأحوال، وبين من يقولون بركوب الحرب إن دعت الضرورة الشرعية إليها. وعلى التحقيق، فإن كل قائل يكون معتبرا لما هو عليه من اعتقاد: فإن كان على كفر، ولا رجاء له في الإسلام، فإنه يُفهَم منه القول بالسلام الدائم، من باب المخادعة؛ وأما إن كان مسلما، فإنه سيُضطر إلى المحاربة عندما يُقصد بالإرغام على الكفر فقط. ولو سكت المسلم على من يريد إضلاله، لكان شريكا له في الإثم؛ وربما كفر بذلك!... يقول الله تعالى: {وَدَّ كَثِیرٌ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ قَدِیرٌ} [البقرة: 109]. وهذا يعني أن كثيرا من أهل الكتاب، يعلمون أن دين الإسلام هو الحق؛ والنتيجة السليمة، هي أن يُسلموا؛ لكن الفعل الصادر عنهم يكون مخالفا لما ينبغي. فبدل أن يُسلموا هم، يطمعون من المسلمين أن يكفروا. بل وقد يفعلون ما بوسعهم، ليرغموهم أحيانا على العودة إلى الكفر مكرَهين. وهذا الانعكاس في الأحوال، ذكر الله لنا سببه، والذي هو الحسد. والحسد إذا تمكّن من صاحبه، فإنه يكون أوّل من يتضرر منه. فها هو الحاسد هنا، بدل أن ينتفع هو كما انتفع المسلم، يريد أن يجر المسلم معه إلى عذاب الله!... ومع هذا، فإن الله تعالى، لم يأمر بسوء معاملة أهل الكتاب، وإن ثبت سوء نيتهم؛ ولكن أمر بالعفو والصفح عنهم. وهذا، ليمتاز المؤمن عن الكافر في المعاملة؛ وليكون من أهل الخير، وإن كان غيره من أهل الشر. ومعنى قول الله تعالى {حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦ}، هو حتى يهدي الكافر إلى الحق بإذنه سبحانه، أو حتى ينشغل كلٌّ بما يخصه من دون اعتداء واحد منهما على الآخر؛ أي إذا لم يخرج حب الكافر لكفر المؤمن إلى الفعل، أو حتى تأتي الحرب إن كان لا بد منها، فيذيق الله العذاب للكافرين بأيدي المؤمنين. يقول الله تعالى: {لَیۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءٌ أَوۡ یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡ أَوۡ یُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَـٰلِمُونَ} [آل عمران: 128]. فالحكم لله على كل حال، وليس حكما شرعيا مستمرا، كما يظنّ الجاهلون من المسلمين... أما الاستعمار المعروف، والذي يهجم فيه قوم على قوم آخرين، من أجل أخذ أموالهم وأراضيهم، فهو عمل دنيوي ساقط، يُشبه كثيرا اللصوصية التي تكون في دوائر أصغر. ومن لم يفرق بين هذا وذاك، فليعلم أن العلة في عقله وبصيرته، لا في غيرهما!... وعلى هذا، فإن الشأن لدى المسلمين اليوم، ليس هو غلبة إسرائيل عسكريا، في المرحلة الأولى؛ وإنما هو العودة إلى صحيح التديّن، الذي فُقد منذ قرون، هنا، داخل الأمة الإسلامية. وأما مواجهة الأمة لإسرائيل، وهي على الفسق، فإنه سيجعل قتالها عندئذ قتال ظالم لظالم، على اختلاف في درجة الظلم، فحسب. هذا، مع إبقاء ما هو منوط بأهل الشام من مدافعة، على أصله محصورا فيهم، ومن دون تعميم. ولو حقق المسلمون انتصارا على إسرائيل في هذه الحال، فإنهم لن يكونوا قد حققوا الغاية الشرعية من كل ذلك، وهم بعدُ على فسوقهم؛ بل سيكون انتصارهم في الغالب مكرا يستطيلون بسببه مدة فسوقهم. وأما من كان لا يقبل منا وصف الأمة بالفسوق، فإننا ندله على حقيقة حاله، من دون دخول في تفاصيل قد تناولناها في عدة من كتبنا وكتاباتنا، وعلى رأسها: - فقدانه للعقل، لأنه لا يُدرك الواقع الذي أمام ناظريْه... - فقدانه للإيمان، لأنه يخالف صحيح الأخبار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فلم يبق لكل مسلم، إلا أن يُقرّ بانحرافه ولو جزئيا، وأن يسلك طريق العودة إلى الحق. وأما غير هذا، كما نرى من جُلّ أهل زماننا، فهو استمرار على سوء الحال، وعناد يُشبه عناد بني إسرائيل الذي استحقوا به غضب الله ولعنته. يقول الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ} [الأنفال:21]؛ والمعنى هو: لا تكونوا كأولئك (وليسوا إلا بني إسرائيل) الذين زعموا أنهم قد فهموا خطاب الله لهم، وهم لم يفهموه!... لأجل كل ما مرّ، فنحن ليس همنا الآن أن ننتصر على إسرائيل، انتصارا أجوف لا قيمة له، وقد يجلب علينا ضررا أكبر، من جهات قد لا تُعلم الآن؛ بل همنا هو العودة إلى صحيح التديّن، باتباع إمام في الزمان، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعند تحقُّق الشروط الداخلية، يجوز لنا أن ننظر في وضعنا العالمي آنذاك، لا قبله. وعلى الرغم من أن الدين هو المحدد لصلوح حضارة دون أخرى، أو لصلوح إحداها جزئيا في مقابل عدم صلوح أخرى؛ فإن الأمر ليس محصورا فيه وحده من حيث هو دين؛ وذلك لأن أهل الحضارات المختلفة، لا يلتزمون دائما بأديانهم في معاملاتهم، خصوصا إن كانوا من أهل الكتاب. وهذا يجعل الأمر يعود إلى غير الدين، وليس إلا إلى ما يُسمّيه الناس سياسة، في الظاهر. وعلى هذا، فإن السياسة، هي المحدد الأكبر للمعاملات القائمة بين الأمم الآن، لا الدين في المرتبة الأولى. وهذه السياسات، تقوم على التحالفات بين الدول، التي تتشارك الحضارة نفسها، أو المصالح نفسها، أو هما معا. وهنا ينبغي أن يُنظر إلى الصراعات المسلحة نظرة أخرى، إن كنّا نريد الخروج بطائل... وإن نحن اعتبرنا الولايات المتحدة، التي يبدو للناس أنها أكبر قوة دولية في العالم، وروسيا التي هي وريثة الاتحاد السوفياتي السابق، واعتبرنا بعد ذلك حلفاءهما من العالم كله؛ فإننا سنلاحظ مناطق خالصة لأحد الطرفيْن من جهة الأيديولوجيا أولا، ومناطق مختلطة، هي في الغالب محل الصراع. وإن نسبنا أحد الفريقيْن إلى البياض والآخر إلى السواد، والمناطق المختلطة إلى الرمادي؛ فإننا سنجد أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، وأوروبا، على لون واحد؛ وسنجد روسيا والصين وكوريا الشمالية وأغلب دول جنوب شرق آسيا، على اللون المخالف؛ وسنجد دول "الشرق الأوسط" -عدا إسرائيل المحسوبة على الغرب- هي التي تُنسب إلى اللون المختلط، مع بعض أفريقيا وبعض أمريكا الجنوبية. وهذا مع انحياز إيران نسبيا ووقتيا، إلى روسيا؛ ومع اعتبار بعض دول أمريكا الجنوبية حديقة خلفية للولايات المتحدة الأمريكية. وإن الحرب الروسية الأوكرانية، قد كانت حربا بين المعسكريْن الشرقي والغربي، ما بعد الحرب الباردة؛ وهذا، حينما توهّمت الولايات المتحدة أنها تستطيع اقتحام المجال الحيوي لروسيا، وهو ما ظهرت سريعا مخالفته للواقع... وإن نشوب الحرب الأوكرانية، وبعدها الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، لَهُو عودة إلى الحرب الساخنة بعد الباردة؛ وهو ما يعني إمكان انتقال شرارتها إلى أماكن أخرى من العالم. وسيكون مقدار انتقال الشرارات إلى مناطق أخرى، مؤشرا على الدخول في حرب عالمية جديدة، تكون في هذه المرة أوسع دائرة من سابقتيْها... وأما كون إسرائيل تنتمي إلى العالم الغربي، والعالم الشرقي، معا، بسبب ظروف نشأتها؛ فهو يجعلها من المراكز العالمية التي يُجمع على مناصرتها من قِبل غالبية دول العالم. وحتى الفلسطينيون المواجهون لإسرائيل، ونخص بالذكر الجماعات الإسلامية، فإنهم يُقابلون إسرائيل حكما، لكن من المركزية الرمادية ذاتها، لا بعيدا عنها. ولهذا قد نجد الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الإسلاميّين، وترى فيهم محاورا سياسيا مناسبا؛ كما قد نجد روسيا وحلفاءها يدعمونهم بطريقتهم من الجهة المقابلة، وإن كان هذا الدعم أقل بكثير من سابقه ومنافسه. وإن سبب سخونة هذه المنطقة الرمادية، هو كونها تستمد من الجانبيْن، فتشبه في وضعها المقاومة الكهربائية (electrical resistance)، التي تبدو منها السخونة بسبب التقاء قطبي الكهرباء فيها. وهذا -وكما ذكرنا في فصول سابقة- ناتج عن الحزبيْن الغيْبيين الحاكميْن على كل ما يحدث في العالم. وإسرائيل عندما تتوهم القدرة على التخلص من الفلسطينيين، أو الفلسطينيون عندما يتوهمون القدرة على التخلص من إسرائيل، يكونون جميعا مجانبين للصواب، وحاكمين بحسب رغباتهم، لا بحسب عقولهم إن كانت لديهم عقول معتبرة. ولكنّ القدر الحاكم على الجميع، يسير بالطرفيْن نحو نتيجة يجهلانها الآن معا... ولنعد إلى توظيف الغرب للإسلاميّين، الذي يُشبه توظيف إسرائيل لحماس، عندما عملت عند إنشائها على تفريق الفلسطينيّين وقسمتهم قسميْن: حماس ومن معها، ومنظمة التحرير (السلطة الفلسطينية). ونحن هنا، نعمل على تبيين التضاريس السياسية، ولسنا بصدد التقييم... وقد ظهرت مساندة الغرب للإسلاميّين في فترة "الربيع العربي"، عندما نُصبت أمامهم السجاجيد لبلوغ مراكز الحكم في الدول العربية. ولقد كان ذلك وشيك الوقوع في كل البلاد العربية، كما وقع لمدة سنة واحدة في مصر؛ ولكن جرت رياح القدر، بما لم تكن تشتهيه أهواء الولايات المتحدة ومن معها. وبخلاف ما كان يظنّ الشطر الأكبر من الشعوب العربية، من أن الإسلاميين هم طوق النجاة، فقد انكشفت الأيام عن الضرر البالغ الذي تسببوا فيه. وما يزالون إلى الآن، يرومون البرهنة على أنهم جواد الرِّهان الذي لا مناص للغرب عنه، بعودتهم إلى واجهة الأحداث من هنا ومن هناك؛ وعلى قدر استطاعتهم. وما هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، إلا وسيلة لإعادة هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على الشعوب العربية؛ علم من علم، وجهل من جهل. ويؤكد ما نقول، وجود دولة قطر في الخلفية، وكذلك دولة إيران؛ اللتيْن تبغيان السيطرة على الشطر الأكبر من أهل السنّة، بُغية الهيمنة بعدها على غالبية الأمة الإسلامية. وكما أن إيران، تلتقي مع الإخوان المسلمين، في الجانب السياسي؛ فكذلك الإخوان المسلمون لا يرفضون "الرفض" الإيراني، إن كان يخدم سياستهم العالمية، بسبب عدم اهتمامهم حقيقة بالدين. وأما قطر، فلا يخفى مدى اقترابها من الجانبيْن، كما لا يخفى حرصها الكبير على خدمة النظام العالمي. ولقد كانت القضية الفلسطينية على الدوام، ذريعة الإسلاميين، لقوْد العامة من المسلمين عن طريق النفخ في حماستهم وغيرتهم، إلى المصير المجهول. وكأن المسألة منطقية صرف، بحيث يكون عدو إسرائيل المبطلة، على الحق فيها حتما؛ وهو ما لا يصح دوما، ولا الآن. ولقد سمعنا بعض "فقهاء" الإخوان في هذه الفترة، عندما يدلّون المسلمين على مناصرة حماس، كيف لا يأبهون للشريعة أصولا وفروعا، ويكتفون بالرأي السياسي المؤدلَج. ورأينا كيف أنهم لا يتورّعون عن العمل بالتنظيرات الكفرية، التي سبقهم إليها "المقاومون" من البلدان المختلفة من الشرق ومن الغرب، و"المعارضون" و"الثوار". ورغم كل ذلك، فإن هؤلاء الإسلاميون الضالون، لن يزيدوا على أن يُكرروا إخفاق الإخوان في مصر وفي غيرها، بسبب انطماس البصائر منهم. يقول الله تعالى: {أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنٍ خَیۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡیَـٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِی نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ} [التوبة: 109]، ويقول سبحانه: {كَیۡفَ یَهۡدِی ٱللَّهُ قَوۡمًا كَفَرُوا۟ بَعۡدَ إِیمَـٰنِهِمۡ وَشَهِدُوۤا۟ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاۤءَهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ} [آل عمران: 86]؛ وإن كان البعض قد يستصعب استدلالنا على الإسلاميين بآية يُذكر فيها الكفر صراحة، فإننا نرد عليهم بأننا: أولا: لا نقصد إخراج الإسلاميّين من الملّة، والدليل هو إيرادنا لآية تُثبت أن القوم كانوا مؤمنين يشهدون أن الرسول حق عند مطالعتهم البيّنات، قبل أن يُخالفوا؛ ثم إننا نرى أن الكفر، رغم وحدة مادته، منه أكبر ومنه أصغر. لكنّ الحذر ينبغي أن يكون من ذوي الكفر الأصغر، حتى لا يعود عندهم بتكرار المعاصي أكبر. نسأل الله السلامة لنا، ولإخواننا في الإسلام!... ثانيا: معنى كونهم مؤمنين في الماضي، لا يدل دائما على ردتهم في الحاضر؛ ولكن قد يفسقون عن المنهاج النبوي في النظر وفي العمل؛ وهذا حتما ما عليه الإسلاميون اليوم. وهو ما يجعل إيمانهم محجوبا -بإذن من الله- لا مقطوعا، كإيمان المرتد. ثالثا: إن المعنى الطّرَفي في الكفر المذكور في الآية، لا شك هو كفر المرتدّين، وعليهم تتنزل الآية أوّل الأمر؛ ولكن المعنى الذي أشرنا إليه نحن، هو فرع عن المعنى الأول؛ وقد يُفضي إليه، إن لم يحترز المؤمنون منه، كما نبّهنا. وإن أكثر ما رأيناه من الإسلاميين -بحسب تجربتنا- هو إصرارهم على الباطل الذي هم عليه، واستهانتهم بأحكام الشريعة، وإيثارهم للمكاسب السياسية في مجتمعاتهم وفي العالم؛ وهو ما نخشى عليهم أن يقودهم إلى الكفر الأكبر في النهاية. ومن أراد أن يتبيّن الأمر، فليعد إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «... فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها إِلَّا ذِراعٌ، ثُمَّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَها؛ وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى ما يَكونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها إِلَّا ذِراعٌ، ثُمَّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتابُ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَها.»[1]. وإن تنزيلات هذا الحديث كثيرة، سنركّز هنا منها على ما يُناسب حال الإسلاميّين، لنقول لهم: 1. إن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ»، يبقى محصورا في أعمال الأبدان، ولا يشمل أعمال القلوب إلا قليلا. ونعني من هذا، أن الذي يكون على إيمان قلبي، وعلى تصديق وتقوى، فإن الله يزيده هدى، كما أخبر سبحانه بقوله: {وَٱلَّذِینَ ٱهۡتَدَوۡا۟ زَادَهُمۡ هُدًى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ} [محمد: 17]. 2. إن الذراع الذي يبقى بين العبد والجنة أو النار، بحسب ظاهر العمل، هو حال القلب؛ فإن خُتم للقلب في نهاية العمر بالإيمان، دخل صاحبه الجنة، وإن كان على سوء عمل في الظاهر؛ وإن خُتم له بالكفر، دخل صاحبه النار، وإن كان على صلاح في ظاهره. وهذا يؤكّد على أن مدار الأمر في الأعمال على القلوب، وأما الأبدان فيُنظر إليها بالاعتبار الثاني. ويؤكّد هذا المعنى قول الله تعالى: {یَوۡمَ لَا یَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٍ سَلِیمٍ} [الشعراء: 88-89]. والإسلاميون منهم من غلبت عليه الغفلة، حتى ما عاد يشعر بالسوء الذي في قلبه؛ والشيطان يدلهم على حسن ما هم عليه من ظاهر الأعمال، في مقابل الفسوق العام الذي عليه الأمة، فيتوهمون أنهم على خير. وهذه الأمور تتعلق بفقه القلوب في أولى مراحل السير إلى الله، وهم يكادون يكفرون بالسير والسلوك، مع وضوح الحكم بوجوبهما من القرآن ومن السنّة. وعلى كل حال، فنحن -على وجازة كلامنا- نكاد نكون من أكبر الناصحين للإسلاميين، لو أنهم كانوا يسمعون!... 3. إن الحديث يدل دلالة واضحة على قضاء الله السابق في العبد، ومن اعتبر هذا الملحظ، فإنه لا يجزم بإيمان مؤمن، ولا بكفر كافر. وهذا الجزم يقع فيه العوام من الفقهاء، ومَن يتبعهم من عوام العوام؛ حتى إنك لو سألت أحدهم مثلا: ما مصير فرد معيّن من حماس، قُتل على يد الإسرائيليين؟ فإنه سيجيب فورا: الجنة؛ ولو سألته عن مصير شخص معيّن، مقتول في صف الإسرائيليين، لأجاب: النار. وهذا كله من التألّي على الله، لأن العبد لا يعلم بمَ ختم الله لهذا، أو لذاك. والحكم في هذه الأمور لله وحده، لا يُشاركه فيه أحد من عباده. فليحذر العبد على نفسه هذه المهالك، وليعد إلى الأدب مع ربه مع كل الناس، وفي جميع الأحوال. وأما ما كان يقع عند إمامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو إمامة أحد الورثة، فهو من تعليم الله للإمام؛ وليس في مقدور العامة أن يكونوا على علم الخواص من الأئمة، وهذه مسألة من توابع الإمامة يطول الكلام فيها؛ فلنكتف هنا بهذه الإشارة... وأما من جهة الإجمال، فإن حماس قد نالت من إسرائيل، بسبب ضربة السابع من أكتوبر، التي ينبغي أن تُفهَم على أنها قَدر من الله، من أجل إعادة إسرائيل إلى صوابها؛ ما دامت قد بلغ الغرور منها مبلغا جنونيا لا خفاء به. فهي قد صارت تتصرف وكأنها فوق المساءلة، لكنها لم تعلم أنها إن نفذت من مساءلة العباد لها، فإن المساءلة الإلهية طالبة لها في الدنيا وفي الآخرة. وإن ضربة السابع من أكتوبر، قد نبّهَتها، وجعلت كثيرا من الإسرائيليين ومن يهود العالم، يعيدون النظر في كل شؤونهم. والفضل في هذا التنبيه، لله، لا لحماس؛ لأن فعل الله فوق ميزان الشريعة، وفعل حماس خاضع لها. ومن وجه الشريعة، ذكرنا نحن أن حماس عاصية بفعلها ذاك، وبيّنّا بعض تعليلاتنا لأقوالنا بحسب المتاح. وعلى كل حال، فإن الله قد يُسلّط الظالمين من عباده على الظالمين، بحكمته، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عن ربه: «اَلظَّالِمُ سَيْفِي، أَنْتقِمُ بِهِ، وأَنْتَقِمُ مِنْهُ!»[2]؛ ومن لم يُفرق في كل فعل، بين النسبة الإلهية، والنسبة العبدية، فإنه يصعب عليه إدراك ما نقول هنا... ولقد بدأت أوروبا بوصفها جزءا مهما من الغرب، تعي الآن أزمة تواجد جالية إسلامية لا بأس بها عندها. وهذا عندما انتشر الفكر الوهابي التكفيري، والأيديولوجيا الإخوانية السقيمة، ضمن صفوف المسلمين؛ بسبب وجود شيء من الحرية، ووجود حماية القوانين في البلدان المضيفة. والإسلاميون بسبب قصور إدراكهم، وبسبب المنافرة فيما بينهم وبين دولهم الأصلية، سيعملون على جعل الدول المضيفة دول إقامة؛ مع كونهم لن يُدركوا من دولة الإقامة إلا "الدولة الإسلامية". وهذا هو ما تنبَّه إليه الأوروبيون مؤخرا، عندما وجدوا أحياء بكاملها تنغلق على نفسها في ثقافة إسلامية (بحسبهم)، لا يرى أصحابها إلا أنهم أحق بالبلاد من الكافرين الذين هم أهلها الأصلاء. وهذا التصور الخاطئ، يعود في الأساس، إلى قصور الفقه عن تبيّن الأحكام المركّبة الناشئة عن الأوضاع المركّبة المستجدة. ولقد كنا نحن نبغي في عدةٍ من كتاباتنا، سدّ هذه الثغرة الفقهية، ولكن الخرق إلى الآن يبقى متسعا على الراقع، كما يُقال... ولقد أخطأت جلّ الدول العربية في معاملة إسلاميّيها بالإقصاء، من دون أدنى فرصة مبدئية للحوار؛ وهذا مع رفض الإسلاميين للحوار أحيانا من جهتهم. كما أخطأت أوروبا عند استقبالهم وتجنيس كثير منهم، من دون مراعاة للنتائج الاجتماعية المخلخِلة للأوضاع التي كانت قائمة. ومرة أخرى نؤكد على أننا لا نتناول الأحداث من جهة القدر والأحكام المتعلّقة به، ولكن نتناولها من جهة الاجتماع السياسي، وحقوق الشعوب الأصلية؛ وبين الأمريْن فرقان. وهذا الوضع الذي آلت إليه الأمور في أوروبا، يعني أن المنطقة كلها مرشحة لأن تعيش صراعا حضاريا عنيفا، قد تبدّت معالم مقدمه مرة بعد مرة. ولقد فات أوان معالجة أوروبا لظاهرة الإسلاميين، وفات أوان احتواء الدول العربية والإسلامية لأبنائها، بحسب ما كان مناسبا في وقته. والأزمة الآن في أوروبا، تكاد تقترب مما يحدث في فلسطين، إن لم يهتد الطرفان: الإسلامي والغربي، إلى حوار عقلاني، يُجنّبهم الصّدام المحتوم... وحتى يضح ما كنا نريده، فإننا نعلن هنا عن السبب في تعقيد الأوضاع العالمية، والذي ليس إلا إرادة توظيف الدين الإسلامي من مختلف الجهات. فالولايات المتحدة، خططت لإيجاد إسلام منزوع القوة، لتتحكم فيه، وتضمن بعده التحكم في العالم كله. وهذا الفعل، قد ولّد تنظيمات إرهابية من باب ردّ الفعل، معادية للولايات المتحدة وللغرب عموما؛ مع اتصافها بشدة العنف، بموازاة العنف الأمريكي المقابل لها. ولقد خبر الغرب (والشرق) مقدار العنف الذي لدى هذه التنظيمات، ولكنه لم يعرف سبيلا إلى الحد من توالدها، بعد أن فلت الزمام من يديه. وعندما نقول عن الغرب إنه "لم يعرف"، فلسنا نعني الجهل البريء؛ وإنما نعني أنه كان على نية سوء، يبغي من ورائها إخضاع المسلمين له، بطرق خبيثة، ما لبثت أن ارتدت عليه ارتدادا، ما زلنا لم نشهد نهايته السيئة. ولقد جربت روسيا أيضا في حربها ضد الشيشان قوة التنظيمات الإسلامية في القتال، إلى الحد الذي صارت معه تعمل على استمالتها إليها في حربها غير المباشرة ضد الولايات المتحدة، في سوريا وأوكرانيا. نقول هذا، مع جزمنا بأن "بوتين" أوعى من قادة الدول الغربية بخطورة المسلمين، وأكثر قبولا للاستماع إلى الآراء الجديدة عليه. وهو مرشّح مع الكنيسة الشرقية، لأن تكون له مكانة كبرى في الصراعات "الدينية" المستقبلية. وأما الدول العربية، من حيث كونها المصدر الأول لجُلّ التنظيرات الإسلامية المتأخرة التي نشأت عنها مختلف التنظيمات الإسلامية، المخالفة لروح الدين من كونه غير نظري (فكري) من جهة حقيقته؛ فإنها قد وقعت في آفتيْن إحداهما أكبر من الأخرى، وهما: ا. الآفة الأولى: توظيف التنظيمات الإسلامية، مِن قِبل الأنظمة العربية، لمواجهة الفكر اليساري الذي كان طاغيا في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ثم توظيفها في مواجهة بعضها لبعض، رغبة في التقليل من انتشارها الشعبي؛ وذلك، كمواجهة الإخوان للمتسلفة جزئيا، أو مواجهة بعض النُّسخ المتسلفة لنسخ متسلّفة غيرها، أو كمواجهة الإخوان والمتسلفة للمتصوفة، وهكذا... وهذا التوظيف السياسي المحلي، قد نجم عنه تقوّي بعض التنظيمات الإسلامية، إلى الحد الذي صارت معه متمكنة من ابتزاز نظام الحكم في بلدها. وقد حدث هذا على الخصوص في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011م، وحدث في المغرب عند وصول حزب العدالة والتنمية ذي التوجه السروري، إلى رئاسة الحكومة؛ وحدث في تونس عند صعود حركة النهضة التي تولّد عنها حزب النهضة بعد نيل الاعتراف به رسميا مِن قِبل حكومة الغنوشي الثانية، حين جاءت هذه الوقائع كلها نتيجة لثورة تونس المطيحة بزين العابدين بن علي في 17 ديسمبر 2010م. وما يُحذَر من الإسلاميين، هو أنهم إذا شمّوا رائحة الحكم وذاقوا قليلا من طَعم السلطة، فإنه يصعب إقناعهم بالانسحاب من ساحة الفعل السياسي عندئذ، وهذا لأنهم أهل دنيا، وليسوا طُلّاب آخرة كما يزعمون. نعم، نحن نعلم أن خطابهم المضلل، قد انطلى على الجاهلين من أبناء شعوبهم، ولكنه لن ينطلي علينا -بحمد الله- ونحن الخبراء في فعل الأمور في النفس البشرية، وفي تمييز الأصيل من الدين عن الدخيل. ب. الآفة الثانية: وهي الانقلاب على الإسلاميين بعد السماح لهم بالتمكّن من شطر كبير من الشعوب، وبالوصول أحيانا إلى المناصب العليا في الحكومات. وهذا سيراه كثير من الإسلاميين بسبب قصورهم العقلي وضعفهم الإيماني، انقلابا على الدين؛ بل سيجعلون الناس يفهمون ذلك، وإن علموا أنهم يستحقون ما يُفعل بهم بسبب سوء حالهم؛ ليحافظوا على المكتسبات السياسية المحقَّقة محليا، ولطمعهم في العودة مرة أخرى إلى قيادة الدول، وهم أكثر قوة واستعدادا. ولقد أدى التضييق (المبالغ فيه أحيانا)، إلى لجوء كثير من القيادات الإسلامية إلى أوروبا، التي صارت لهم بمثابة قاعدة الانطلاق التي يُهاجمون منها دولهم الأصلية: سياسيا أولا، وعسكريا إن استطاعوا، ثانيا. وقد أدى تمدد التنظيمات الإسلامية في الدول الغربية، إلى تحوّلها إلى فاعل سياسي محلي في الدول المـُضيفة، صار يتقوّى شيئا فشيئا. ولقد كان لا بد لهذه التنظيمات، من أجل بلوغ استتباعها لأكبر عدد من المسلمين في أوروبا وفي بلدانها الأصلية، من أن تتبنّى القضايا الكبرى للأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ولقد وُظّفت القضية الفلسطينية أسوأ توظيف من طرف الإسلاميين، حتى بتنا نرى معالم العنصرية الإسلامية تتبدّى لدى الإسلاميين، ومن تبعهم من عموم المسلمين بالتدريج؛ مع أن الإسلام أبعد ما يكون في أصله، عن العنصرية والتنقص من المخلوقين. وإذا اعتبرنا الظاهرة التي برزت في السنوات المنصرمة، من مناصرة شطر من الإسلاميين الأوروبيين لـ "داعش"، ومن بعث كثير من المسلمين من ذوي الأصل الأوروبي إلى سوريا والعراق، طمعا في إنشاء دولة "الخلافة" التي لا يعلم الإسلاميون عن شروطها شيئا؛ فإننا سنعلم بالتبع مدى التوظيف للقضية الفلسطينية، التي لا يختلف اثنان من المسلمين عليها؛ لا إدراكا منهم لحقيقتها، ولكن تساهلا من الجاهلين في اتباع كل من نادى من المغرضين: "حيّ على الجهاد!". ومن وجه العمل للإسلام بالزعم، سيعمل إسلاميو أوروبا على تغيير أنظمة الحكم في بلدانهم بكل الوسائل؛ بل سيجدون أنفسهم يدخلون في العِمالة للدول الأجنبية أحيانا، بدافع الانتقام. وهذا هو ما يُمكن أن يُدخل الشعوب العربية قبل غيرها، في حرب أهلية، تنزل بها إلى أسوأ مما هي عليه الآن؛ إن لم تُدركها رحمة الرحمن الرحيم... وإن الغلط العظيم الذي ترتكبه بعض الدول العربية في مواجهتها للإسلاميين، بعد مرور زمن التوظيف، هو مواجهتهم عن طريق الانفتاح على سبُل الشيطان، من مثل تبنّي المقولات الكفرية التي يُنتجها النظام العالمي في كل مرة بدرجة أكبر من التي سبقتها؛ أو من مثل الانفتاح على "الليبرالية" السياسية، بالإكثار من العروض الفاسقة التي تُقدَّم على أنها ثقافية؛ أو من مثل الميل في الحكم إلى العلمانية المتطرفة؛ وإن كانت هذه الدول، لن تتمكن الآن من إعلان ذلك صراحة، بسبب انغراس الإسلام في نفوس الشعوب انغراسا، لا سبيل معه إلى القضاء عليه بضربة واحدة. وقد أدى سوء تصرف الأنظمة هذا، وقتيا، إلى إحجام الشعوب عن الموافقة على السياسات المتّبَعة، وإلى عدم الحسم في صلتها بالإسلاميين، عند رؤيتها الكفر يُطلّ برأسه من وراء ما يُسمّى زورا تحديثا وتطويرا مِن قِبل الدولة. وإن هذه الدول إن لم تتدارك أمرها، قبل فوات الأوان، فإنه يُخشى أن تعود التنظيمات الإسلامية إليها، في صور متجددة، وأكثر راديكالية؛ وهو ما سيؤدي إلى الحروب الأهلية، التي نحذّر منها في كل مرة، وننبه إلى خطورتها على كل ما يزال معتبرا في الدول العربية. وهذا الذي ذكرناه، قد اجتمع عليه الآن الغرب والأنظمة الحاكمة، ظنا منهم أنهم سيتمكنون من تغيير ثوابت الأمة الإسلامية، وهذا -إن لم يُتدارك- سيؤدّي إلى نتيجة عكسية، كما أسلفنا الإشارة. وكل إصرار على قوْد الشعوب العربية والإسلامية نحو ما يبتغيه النظام العالمي، بالصورة السافرة التي نراها، فإنه سيكون وخيم العواقب على الشعوب المعنية، ثم على العالم بأسره. وبدل هذه السياسات المرتجلة، والمنحازة إلى طريق الشيطان، ندعو نحن إلى العودة إلى الإسلام الأصيل، الذي هو خير للمسلمين ولغيرهم. وهنا ينبغي أن نتوقف مرة أخرى، عند القصور الفقهي الإسلامي، الحاجب للمسلمين عن إدراك دينهم؛ ولسنا نعني إلا اقتناع المسلمين بأن الإسلام نافع لهم وحدهم، وأن الشعوب غير الإسلامية ليست معنية به لا من قريب ولا من بعيد؛ وهذا غلط قاتل، بالمعنى الحضاريّ. ولنعد إلى تأصيل المسألة شرعيا، على قدر ما يسمح به الوقت، فنقول: إن الإسلام بصيغته المحمدية الكاملة المكتملة، جاء لاستنقاذ البشرية جمعاء، وإخراجها من الظلمات إلى النور؛ وإن أبرز ما يدل على هذا، عموم الخطاب القرآني للناس جميعا، في كل مكان وفي كل زمان، وهو ما ينبغي أن يُفهم من ورود النداء في مواضع كثيرة منه، بـ "يا أيها الناس"، ولفظ "الناس" كما هو معلوم عام، ولا أعم منه في الدلالة على جنس البشر. يقول الله تعالى، على سبيل المثال: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]. ويقول سبحانه: {وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةً لِّلۡعَـٰلَمِینَ} [الأنبياء: 107]؛ والخطاب للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى هو أنك مبعوث ليُرحم بك كل العالمين؛ ومن العالمين الكافرون. فالكافرون مرحومون في الدنيا، بشتى أنواع الرحمات؛ ومن الرحمات المحمدية ما هو غيبي، لا يُعلم للناس، ومنها ما هو شهادي. ومن الرحمات الشهادية، ما هو من المعاملات الشرعية من المؤمنين للكافرين؛ بحيث لا يجوز الاعتداء على الكافر بسبب كفره وحده. وقد فهم علماء الدين هذه المسألة فهما مخالفا، عندما نظروا إلى مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلَاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ؛ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ، إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.»[3]، فتوهّموا أن مقاتلة الكافرين عامة وغير مقيّدة؛ ومحل قصور الفقهاء في فهم المسألة أمران: الأول: إن الحديث النبوي في رتبته، لا يبلغ القرآن الكريم؛ لأن القرآن كلام الله، والحديث كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومن هذا الوجه، يكون الحديث تابعا للقرآن، لا متبوعا. ولا ينبغي فهم الأمر على أنه يَتبع في المعنى بالضرورة، حتى لا يكون إلا مخصصا لعموم، أو مفصلا لمجمل، أو مفسرا لمبهم؛ وهذا لأن الحديث قد يكون هو نفسه معمما أو مجملا أو غير ذلك، من حيث المبدأ؛ وإن كان هذا قليلا بالمقارنة إلى غيره... وإنما المقصود التبعية في المرتبة. واعتبار التبعية في المرتبة، يجعل اعتبار القرآن سابقا على اعتبار الحديث. والثاني: هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يُقاتل جميع الكفار. وهذا من التفسير العمليّ للأحكام الشرعية. فلو كان الحديث المذكور آنفا، يؤخذ على إطلاقه، لكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُقاتل كل كافر؛ وهو ما لم يحدث، ولم يثبت... وإن نحن أردنا تنزيل الحكم المتعلّق بقتال الكفار، فإننا سنجده منوطا بأمر الله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما دلّ عليه لفظ الحديث. ونعني بالأمر هنا، الأمر الخاص المخصِّص في كل مرة من المرات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكافرين. وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يصدر عن أمر إلهي خاص، في كل مرة؛ لا عن قاعدة شرعية جامدة، كما يتوهم الفقهاء. وإن عدم تعميم الأمر بمقاتلة الكفار، تؤيده أصول قرآنية لا يمكن لأحد تجاوزها؛ ومنها قول الله تعالى: {وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ لَـَٔامَنَ مَن فِی ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِیعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ} [يونس: 99]، ولو أن القتال كان عاما، لنُقض هذا الحكم، ونقضه يدخل ناقضه الزاعم لقصد طاعة ربه عند قتال الكافرين في الكفر. ويقول الله تعالى أيضا: {فَإِنۡ أَعۡرَضُوا۟ فَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ عَلَیۡهِمۡ حَفِیظًاۖ إِنۡ عَلَیۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُۗ} [الشورى: 48]، وهذا أيضا أصل عام واضح. فبقي أن ندل على سبب سوء الفهم الذي أصاب الفقهاء، والذي هو معاملة كلام الله بصفته أحكاما جامدة؛ وهو في الحقيقة منوط بالمعرفة به سبحانه؛ إذ على قدر العلم بالله، تكون معاملة العبد له. والعلم بالله لا ينتهي، لذلك فأهله طبقة فوق طبقة؛ وكل طبقة تمتاز عن التي تحتها في المعاملة، كما امتازت عنها في العلم. وإلى هذا المعنى يُشير قول الله تعالى: {نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاۤءُۗ وَفَوۡقَ كُلِّ ذِی عِلۡمٍ عَلِیمٌ} [يوسف: 76]. وهذا العلم الذي نعنيه هنا، لا خبر لعموم الفقهاء عنه؛ بل إن كل علمهم هو من دائرة أسفل من هذه بكثير. ونعني من كل هذا، أن كلام الله متحرك علميا، بحسب الأزمنة؛ لذلك فالأحكام لا تؤخذ منه بالنظر العقلي المقلِّد، وإنما بالإفهام الرباني في القول كل مرة؛ وهذا أمر يفوق إدراك الفقهاء، كما قدّمنا. وهم عندما أخذوا الأحكام بالنظر العقلي وحده، أخطأوا كثيرا، وخالفوا القرآن نفسه كثيرا؛ وهذا من أعجب ما يقع للناس مع كلام الله. ومن أمعن النظر، فإنه سيجد هذا الأمر هو العلة في قول الله تعالى عن هذا الصنف من الناس: {أَفَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَـٰوَةً فَمَن یَهۡدِیهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23]؛ ونعني أن الإضلال على علم، لا يكون إلا لمن علم الوحي في زمانه، لكنه بقي فيه على عمه. وقد نشأت عن عدم فهم هذا الأمر لدى عموم المسلمين آفة عظيمة، هي اعتقاد أن كل من يتكلم بالقرآن، فإن المعنى الذي يقصده حق؛ وهذا مخالف لأصل العلم من دون شك!... وتنشأ عن المسألة السابقة، مسألة فرعية، قد يحتج بها الفقيه، وهو يظنّ أنه على شيء في احتجاجه؛ وهي: كيف ستُعلَم الأحكام -من مثيلة حكم مقاتلة الكفار- بالطريقة التي دللنا عليها، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد مات وتحقّق موته؟!... فنجيب: أولا: إنّ فهم موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الفقهاء، ليس على وجهه؛ لأن الموت عنده عليه السلام، لا يعني الانقطاع عنّا وعن العالم، كما هو شأن الموت عند عموم الناس؛ وهذا لأنه الأصل الذي خُلق منه العالم. ولن ندخل هنا في تفاصيل التصدي لكل الأسئلة التي قد تخطر على عقول العامة، لأن ذلك سيطول بنا، والكتاب لن يحتمله... ثانيا: إن إبانة الأحكام المستعصية على الأفهام، هي منوطة بالأئمة في الدين من كل زمان. والفقهاء، قد انطمست لديهم معالم الإمامة، منذ القرن الأول. بل لقد صاروا هم أنفسهم، سببا من أسباب طمس معالمها. وحتى الشيعة الذين يعتبرون مدلول الإمامة العام، هم قاصرون عن تنزيلات تصوراتها في جميع الأزمنة. فهم في زماننا -مثلا- قد عادوا إلى معنى الإمامة الفقهية التي "ولاية الفقيه" فرع عنها، لاستبعاد عقولهم وجود إمام حقيقٍ الآن. أما أهل السنة (عند أنفسهم)، فهم أبعد بكثير، وأقرب إلى حال الكتابيّين منهم إلى حال المؤمنين... وعلى كل حال، فإن إدراك هذه المسائل التي نتناولها في كل مرة من أحد وجوهها، يتطلب استمدادا لنور النبوة؛ أما نور العقل وحده، فلا يكفي في ذلك. نقول هذا، حتى لا يُتعب الفقهاء أو غيرهم، أنفسهم في تبيّن ما نقول، من طريقهم المعهود وحده... وحتى نعود إلى تطبيقات كل ما ذكرنا، وإلى التذكير بالأحكام التي أعدنا تأسيسها، فإننا نُخبر المسلمين قبل غيرهم، أن الجهاد المـُعلي لكلمة الله في زماننا خاصة، يمكن أن يكون من غير لجوء إلى القتال؛ بل تكفي فيه الكلمة الصادقة، إن كانت من عالم بظاهر الشريعة وباطنها. وهذا المعنى المنوط بزماننا، يدخل ضمن قول الله تعالى: {وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِغَیۡظِهِمۡ لَمۡ یَنَالُوا۟ خَیۡرًاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزًا} [الأحزاب: 25]. ونعني أن الله في زماننا، قد هيّأ سبلا كثيرة لنصرة الدين، لم يستعملها المسلمون كما ينبغي؛ ولم يستعملوها بالقدر الكافي. ونحن ندل على هذا المعنى عن علم، لا عن تخاذل؛ وإن كنّا نُبقي على مكانة القوة المادية بارزة، ومعتبرة، ومشروطة، لكل دولة مسلمة. وهذا كما لا يخفى، يدخل ضمن الردع الذي لولاه، لطمع بنا الطامعون. وإن مجاوزة إسرائيل في التنكيل بالفلسطينيين لكل حد مقبول ومعقول، لهو من أكبر الأدلة على الإبقاء على قوة السلاح المنوطة بالدول موجودةً، ومعمولا على إيجادها، ائتمارا بقول الله تعالى الذي لا يُفَهم دائما على الوجه الصحيح، والذي هو: {وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ} [الأنفال: 60]. وهو أصل لا يجوز الإخلال به، لكن بشرط العلم، وبشرط توافر القيادة الربانية عند الضرورة. وقد ظهر هذا المعنى، من ضربة السابع من أكتوبر القدرية، التي جعلت إسرائيل والولايات المتحدة من بعدها، تعيدان النظر في استراتيجيتيهما. وسيزداد الأمر ظهورا في نتائج ضربة السابع من أكتوبر، التي ستتبدّى تباعا مع مرور الزمان، والتي ستغيّر من معالم النظام الدولي، ومن القوانين الدولية تغييرا حتميّا، ولو بعد حين؛ وكلما أسرع سياسيو العالم في إدراكها، انتفعوا وانتفع الناس بعدهم... [1] .متفق عليه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. |